خدمات الصحافة الالكترونية


الخدمات التي تقدمها مواقع الصحف الإلكترونية

تعد مواقع الصحف الإلكترونية من أكثر المواقع المتواجدة على شبكة الإنترنت جذباً للقراء , و هذا ما أكدته دراسة أعدتها مجموعة رستون Reston  , أن مواقع الصحف العالمية و مواقع المعلومات هي الأكثر نمواً و حركة بين مواقع الإنترنت , و هي نتيجة لم تكن متوقعة , خاصة و أن هناك تقارير تحدثت أن المواقع الإلكترونية للصحف لن تكون بذات الأهمية و التأثير على الصحف المطبوعة , و وجدت لدراسة أن 10 صحف أمريكية استأثرت بالنصيب الأكبر من الزوار , حيث تضاعفت زوارها إلى الضعف في ستة أشهر , متجاوزة بذلك مواقع عالمية شهيرة , و أوضحت أنها وجدت من قبل الزوار استعدادا لأنفاق المزيد من الأموال في سبيل الحصول على المعلومات من تلك المواقع , إلا أنها أشارت إلى أن قراءة النسخة الإلكترونية سيؤثر على مبيعات الصحيفة المطبوعة نفسها , مشيرة أنه لتعويض ذلك فإن تلك المواقع تقوم بالتوسع في نشر الإعلانات لأكبر قدر ممكن من الزوار اليوميين .
و تقوم الصحافة الإلكترونية بتقديم عدد من الخدمات للجمهور المتلقي , و منها :
1-      خدمة البحث : حيث تتيح الصحيفة الإلكترونية لمستخدميها خدمة البحث داخلها , أو داخل شبكة الويب , و بعض الصحف تتيح هذه الخدمة لفترة زمنية محددة ( ستة أشهر مثلاً ) أو أقل أو أكثر , و تقدم بعض الصحف رؤوس الموضوعات ثم تطالب بالحصول على رسوم مالية محددة إلى تفاصيل الموضوع , و بعض الصحف ( كصحيفة الأهرام ) تشترط الدخول على مزود الخدمة الخاص بالمؤسسة لإتاحة خدمة البحث , و تتفاوت قوة و كفاءة خدمة البحث من صحيفة إلكترونية إلى أخرى , بل و تختفي هذه الخدمة من بعض مواقع الصحف العربية , مثل موقع صحيفة الخليج الإماراتية .

2-      خدمة البحث في الأرشيف Archives  , و تنصب هذه الخدمة على أرشيف الصحيفة الورقية في المقام الأول , و هي تختلف بذلك عن خدمة البحث التي تنصب على البحث داخل الصحيفة الإلكترونية , و تتفاوت خدمات الأرشيف التي تقدمها الصحف الإلكترونية , و تتفاوت خدمات الأرشيف التي تقدمها الصحف الإلكترونية سواء من حيث المدة الزمنية التي يمكن البحث فيها , أو من حيث التكلفة المادية للمادة التي يريد المتصفح الوصول إليها .


3-      خدمة قراءة عدد اليوم أو الأمس من النسخة المطبوعة , و تقتصر هذه الخدمة على الصحف الإلكترونية الكاملة ( المختلفة عن الصحيفة الورقية ) إذ يتيح الموقع للمستخدم إمكانية مطالعة النسخة الورقية و ما بها من موضوعات مختلفة إلى حد كبير عن محتويات الصحيفة الإلكترونية , فعلى سبيل المثال تقدم صحيفة  USA Today  الأمريكية هذه الخدمة تحت عنوان  Print edition  ضمن ما تقدمه من خدمات مرتبطة بالصحيفة الورقية , و تتيح فيها تصفح عدد اليوم و الأمس .
4-      خدمة تقديم الإعلانات إلى الصحيفة الإلكترونية المطبوعة , من خلال نشر أسعار الإعلانات في الصحيفة الورقية , و طبيعة الخدمات الإعلانية التي تقدمها , بالإضافة إلى سبل الاتصال بقسم الإعلانات و طلب نموذج نشر إعلان بالصحيفة , كما تفعل جريدة الأهرام المصرية .

5-      خدمة الاشتراك في الصحيفة الورقية , و هي خدمة تقدمها الصحيفة الإلكترونية للصحيفة الورقية تتيح من خلالها للمستخدم الاشتراك في الصحيفة الورقية , من خلال تقديم المعلومات الخاصة بالاشتراك بطريقة سهلة , و تسديد الرسوم باستخدام بطاقات الائتمان .
6-      خدمة البريد الإلكتروني  E-mail  و تختلف هذه الخدمة من صحيفة إلى أخرى , فالصحف الصغيرة يقتصر الأمر على إتاحة الفرصة أمام المستخدم لتوجيه رسائل إلكترونية إلى المحررين , أما الصحف الإلكترونية الكبيرة فإنها توسع من نطاق هذه الخدمة لتقدم خدمة إنشاء بريد إلكتروني شخصي على الموقع , كما تقدم نشرة إخبارية يتم إرسالها يومياً على بريد المستخدم , و تهدف من وراء ذلك إلى ربط المستخدم بالموقع أطول فترة ممكنة خلال الاستخدام , حتى لا يغادره للقيام بأنشطة البريد الإلكتروني من مواقع أخرى .

7-      خدمة مجموعات الحوار : و هي خدمة تقدمها الصحيفة للقراء للتعبير عن آرائهم في القضايا و الموضوعات التي يهتمون بها , و تنقسم مجموعات الحوار إلى :
-          حوار حول أهم الموضوعات المنشورة في العدد الأخير .
-          حوار حول موضوعات أخرى غير مرتبطة بعدد اليوم , و موزعة وفقاً للأقسام الرئيسة للصحيفة , مثل الأخبار و الاقتصاد و الرياضة و التكنولوجيا , و غيرها .
-           
8-      خدمة الإرشاد إلى الأخبار الحديثة و الموضوعات الهامة , و تقدم للمستخدم عناوين أهم الأخبار من وجهة نظر الصحيفة التي يمكن أن يطالعها على الفور , ودون الدخول في تفاصيل الموقع .

9-      خدمة خريطة الموقع  Sit map  و تعني هذه الخدمة تقديم محتويات الموقع بطريقة مبسطة و سهلة للمستخدم , خاصة إذا كان الموقع مزدحماً بالتفاصيل و الخدمات , مثل مواقع الصحف الإلكترونية الكبيرة .


10-  خدمة الإجابة عن الأسئلة الأكثر طرحاً FAQ ( Frequentiy Asked Question ) و تتضمن الإجابة عن الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المستخدم حول طريقة الاستعراض أو المشكلات التي قد يواجهها أثناء استعراض الموقع , و تماثل هذه الخدمة خدمة المساعدة help  التي يتم تزويد برامج الكمبيوتر بها .

11-  خدمة الربط بالمواقع الأخرى Related sites  و في هذه الخدمة تقترح الصحيفة على المستخدم عدداً من المواقع التي تراها مهمة له , و غالباً ما تكون هذه المواقع ذات صلة بالصحيفة , أو بينها و بين الصحيفة اتفاق على تبادل اقتراح المواقع على المستخدمين .


12-  خدمة الإعلانات المبوبة , و تشمل هذه الخدمة إعلانات السيارات و المزادات و إعلانات الوظائف الخالية , و إعلانات العقارات , و إعلانات المشاركة في خدمات خاصة , و خدمات التسوق Shopping .













عوامل تطور الصحافة الإلكترونية


وبالنسبة للصحافة الإلكترونيَّة فقدِ امتزجتْ عِدَّة عوامل ساعدَتْ على تطوُّرِها ونجاحِها، ومنها:

1-      العامل التقني:
حيث تقدَّمتْ تكنولوجيا الحاسوب ببرمجياته المختلِفة، وتطوَّرت قواعد البيانات ومجالات نقْل النصوص شبكيًّا، ممَّا ساعَدَ على ازدهار الصحافة عبرَ (الإنترنت).

2-       العامل الاقتصادي:
فالعولمة الاقتصادية أصبحتْ تَتطلَّب سرعةً في حركة رؤوس الأموال والسَّلِع، وهو ما يَتطلَّب سرعةً في تدفُّق المعلومات؛ لكونِ المعلومة في حدِّ ذاتها سلعةً تتزايد أهميتُها يوميًّا.

3-      العامل السياسي:
والمتمثِّل في الاستخدام المتزايد لوسائلِ الإعلام مِن طَرَف السُّلطات السياسيَّة؛ بهدف إحْكام قبضتها على الأمور في البلاد وحِفْظ الاستقرار.

4-      عائدات الإعلانات:
رَغِبت الصحف في الاشتراك في شبكة (الإنترنت)؛ بهدف الحصولِ على عائدات هائلةٍ مِن الإعلانات التي تُنشَر على (الإنترنت).

5-      مشاكل الصحيفة المطبوعة:
تُعاني الصُّحفُ المطبوعة مِن عددٍ مِن الضغوطات بشأن عمليات التمويل، وارْتِفاع تكلفة الطباعة، والتقيُّد بمساحاتٍ معيَّنة داخل الصفحة الورقيَّة، وأيضًا طول المدة الزمنيَّة بيْن تسلُّم المقال وطبْعه ونشْره.

ويُشير عددٌ من الاستطلاعات والدِّراسات إلى تزايُدِ معدَّلات الإقبال على الصُّحف الإلكترونية في العالَم، فقد كشفَتْ دراسة أجْرَتْها مؤسسة الأبحاث Nielsen/NetRatings مؤخرًا عن تزايد عددِ زائري مواقع الصحف اليوميَّة على الإنترنت؛ ليصلوا إلى 39.3 مليون زائر.

حيث قال 22% تقريبًا ممَّن شملتْهم الدِّراسة: إنَّهم يُفضِّلون قراءة صحف (الإنترنت)، بينما قال 7%: إنهم يقسمون وقتَهم بيْن صحف (الإنترنت) والصحف المطبوعة.

وأرْجَع المحلِّل الإعلامي جيري دافيسون هذا الإقبالَ إلى تميُّز مواقع (الإنترنت) بالمدونات و"البودكاستنج"، علاوةً على معرفة الخبر بمجرَّد حُدوثه، وهي ميْزة تفتقر إليها الصحفُ المطبوعة.

وبحسب مركز "بيو" للأبحاث، بلغَتْ نِسبة قُرَّاء الصحف الإلكترونيَّة إلى أكثرَ مِن ثلث إجمالي قرَّاء الصحف بكافة أشكالها، وبلَغ زُوَّار مواقع الصحف الإلكترونيَّة ما نسبته 41 % من مُجْمَل مستخدِمي (الإنترنت) في الرُّبُع الأخير من 2008.

ووَفْقًا لآخِرِ بحْث أجرتْه رابطةُ الصحف الأمريكيَّة، وُجِد انخفاض في معدَّل توزيع الصحف الورقيَّة، على الرغم مِن تزايد معدَّل الإقبال على قراءةِ الصحف بيْن الشباب، لكن عبْرَ (الإنترنت)، فمواقع الصحف على الإنترنت ساهمت في زيادة عدد جماهير قراء الصُّحف بيْن البالغين من العمر 25 إلى 34 عامًا بمقدار 13.7%، و9.2% بيْن البالغين من العمر 18 إلى 24 عامًا.

مستقبل الصحافة الورقية وتأثرها بظهور الإعلام الإلكتروني

بالرغم من أن الإعلام الإلكتروني في المنطقة لم يتطور بنفس الشكل الذي وصل إليه الإعلام المثيل في الدول الغربية، فإنه لا يمكن إنكار تأثيره على الصحافة المطبوعة؛ حيث يرى بعض خبراء الإعلام أنه في الوضع الحالي يمكن لأي مؤسسة إعلامية التحدث بأنها مؤسسة مطبوعة وغيرها مؤسسة إلكترونية؛ ولذلك فإن الإعلام واحد، ويمكن النشر على أكثر من طريقة؛ سواء عن طريق النشر الإلكتروني، التلفزيوني، الإذاعي، أو عن طريق الصحافة المطبوعة، فالهدف الأساسي يكمُن في تحسين المادة، وسواء كنا صحافة مطبوعة أو صحافة إلكترونية، فإن المادة في النهاية هي التي تحدد مَن الذي على مستوى الجودة؛ لأنه ما فائدة الإعلام الإلكتروني إذا كانت المادة سطحية وغير مفيدة للقارئ؟

ولذلك فإن المادة المطبوعة على ورق أو المادة الإلكترونية، هي التي تحدد هُويَّتك ورسالتك، وهي التي تحدد مستوى المؤسسة الفلانية بباقي المؤسسات الأخرى.

الهدف أنه إذا كانت لدينا مادة ولم نستطع خدمتها في الورق، فإنه يمكن لنا الاتجاه إلى قنوات نشر أخرى، مثل حاجتنا إلى خبر يتضمَّن مقطع فيديو توضيحيًّا، وإذا كنا بحاجة إلى تدعيم الخبر، فإنه يمكننا نقله إلى الموقع الإلكتروني؛ لإرفاق الفيديو معه، وفي النهاية هذا كله يتعلق بمدى حاجتنا، بمعنى أنه يجب أن يكون التوسع في الإعلام الإلكتروني يوازي حاجتنا وخصوصيتنا ورسالتنا الإعلامية، ولذلك تحفظ الخبراء على موضوع الصحافة المطبوعة والصحافة الإلكترونية بمعنى الفصل، فالصحافة هي نفسها الصحافة، لكننا نتوسع، وهناك مجالات للنشر؛ سواء الإلكتروني، أو غير ذلك.

ثم إننا نتحدث عن التأثير على الصحافة المطبوعة، فالمؤسسات لن تتأثر إذا حاوَلت أن تكون مؤسسات إعلامية في الأساس؛ سواء كانت مؤسسة إعلامية مطبوعة، أو إلكترونية، والمؤسسة الإعلامية المطبوعة إذا كانت ناجحة على الورق، فإنها ستنجح إلكترونيًّا، والمؤسسة التي تراوح على الورق ستراوح إلكترونيًّا؛ لأن هذا يعتمد على المادة والرؤية والمستوى المهني لدى القائمين على أي مؤسسة كانت.

وينفي البعض الآخر أن يكون هناك تأثير مباشر، فلا يوجد هناك مؤسسات عربية مطبوعة أغلقت أبوابها بسبب الإعلام الإلكتروني، بل على العكس، هناك مؤسسات توسَّعت ولديها قراء خارج نطاق الحدود، بسبب الإعلام الإلكتروني، وهناك مؤسسات استثمرت الملايين في الإعلام الجديد، وهناك عائد يضاف إلى عائد الإعلان الورقي، ألا وهو عائد الإعلان على شبكة الإنترنت.

كذلك ما زال من المبكر جدًّا الحديث عن تأثيرات ملموسة يمكن إحصاؤها، خاصةً وأننا في منطقة لا تزال فيها الصحافة المطبوعة هي السائدة، وهذا عكس الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة؛ إذ هناك مؤسسات ورقية عريقة جدًّا أغلقت، وبدأت تنشر على الإنترنت، وهذا الاتجاه للإنترنت يعود إلى توفُّر وتقدُّم هذه التقنية، وربما بسبب كبر المساحة الجغرافية للبلد، ووصول شبكة الإنترنت إلى أغلب الناس، وهناك مؤسسات مثل (تروبيون) أغلقت الكثير من صحفها، وأول صحيفة أغلقت هي (سياتل هيرالد) التابعة لـ(تروبيون)، وبالتالي اعتمدت على الإنترنت، والحقيقة هناك تأثير مباشر للإعلام الإلكتروني على الصحافة الورقية في أمريكا وأوروبا، لكن في آسيا مثل سوق الهند والشرق الأوسط، لا تزال الصحافة الورقية تحافظ على وضعها، وإذا سألنا مسؤولي الصحف، فإن هناك زيادة في الطباعة سنويًّا من 2 إلى 10%، وهذا يدل على أن هناك قرَّاءً جُددًا، وكذلك هناك مشتركون جدد ومهتمون جُدد بالصحافة المطبوعة.

ولكن التأثير المباشر قد يكون بعد 10 سنوات حينما يتوسع الإنترنت ويصل إلى دول الشرق الأوسط بنسب عالمية.

في المقابل يري د. عبدالرحمن الشمير الخبير الإعلامي، أن الإعلام الإلكتروني أصبح في الواقع منافسًا قويًّا، وشرسًا وعنيدًا جدًّا بالنسبة للصحافة الورقية، وفي اعتقادي أن الصحافة الورقية أصبحت جيلاً باتجاه الانقراض، إذا لم تتَّجه هذه الصحافة إلى التعامل مع التكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة بتطوُّر وواقعية، فلم يعد الجيل الجديد يتعامل مع الصحافة الورقية، ولذلك عليها أن تتجه إلى العالم الجديد عبر تحديث المحتوى واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، وهناك الكثير من الصحف العالمية أغلقت ومنها مَن خفض أعداد موظفيه، وتوجه نحو الصحافي الشامل.

الصحف الخليجية تواجه مشكلة، وهي أنه لا يوجد الصحفي المؤهل تكنولوجيًّا، أو الصحفي المتمكن والقادر على التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، وهناك عدد بسيط يستطيعون التعامل مع مثل هذه التقنيات، ويمكن القول إن هناك جيلاً جديدًا مُقبلاً يتعامل مع (الكمبيوتر المحمول)، ولا يذهب إلى المكتبة، أو يسعى للحصول على الصحيفة المطبوعة، ويُمكنه في المقابل الحصول على الخبر من هاتفه المحمول، ومن أي مكان في العالم.

وفي اعتقاده أن الصحافة المطبوعة مهددة أمام الإعلام الإلكتروني، إذا لم تتمكن هذه الصحف من مواكبة هذا التطور عبر إنشاء المواقع وتطوير الإعلام الإلكتروني، كما تطوير البث والمحتوى، ومتابعة الخبر في نفس اللحظة، ربما يمكن القول: إن الصحافة الورقية ستلفظ أنفاسها الأخيرة في المستقبل.

كما يرى آخرون أن المستقبل للصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني، لأسباب التنافس الشديد على هذه الكعكة الإعلانية المحدودة من قبل وسائل إعلام كثيرة، وأيضًا هناك فجوة الأجيال بين كل جيلٍ وآخر، وصحافة الإنترنت تروق للأجيال الشابة، فعلى مستوى طلبتنا قليل منهم من يقرؤون الصحف، لكن كثيرًا منهم لهم حسابات في (الفيس بوك) و(التويتر)، ويتابعون الإنترنت، ولم يعد الجمهور ينتظر من المؤسسة الإعلامية حتى تعطيه المعلومة، بل أصبح هو القادر على توفير المعلومة، ولا أريد أن أقول: إن هناك حتمية تاريخية في التغيير مثلما حدث في أوروبا وفرنسا مثلاً بالنسبة للصحافة الإلكترونية، لكننا جزء من هذا العالم، وأنماط التغيير التي تمس الصحف ربما تكون أيضًا متشابهة، وبالتالي فإن التأثير في المدى البعيد ربما سيكون كبيرًا وعميقًا.

كذلك أصبحت المواقع الإلكترونية متنفسًا للكثير من الكُتَّاب الذين لا يستطيعون الكتابة في الصحف الورقية؛ ولذلك فإن هذه الصحافة الإلكترونية قادرة على احتواء هؤلاء الكتاب، ثم إن الكاتب يُمكنه الكتابة باسم آخر؛ حتى يفلت من الرقابة، لكن الصحافة الورقية محكومة بقيود متنوعة، عكس الصحافة الإلكترونية المتحررة من هذه القيود، أيضًا الصحيفة الورقية، تطبع ويتم نشر المحتوى في موقعها الإلكتروني، وهذا لا يقدم جديدًا حينما ننقل الجريدة من ورقية إلى إلكترونية؛ إذ لا بد من تحديث وتطوير الأخبار على مواقع الصحف.

كما أن هناك أيضًا صحفًا غير قادرة على مواكبة التطورات، ولديها نسخ (PDF)، لكن هناك مؤسسات مطبوعة انتقلت من الصحافة الورقية إلى الصحافة الإلكترونية، وإستراتيجيًّا هل هذا صحيح أم أنه هدف اقتصادي أو غير ذلك؟ لا أدري لكن في النهاية هناك صحف ورقية تحوَّلت إلى إلكترونية، ونجد التحليل والاستزادة أكثر على النسخة الورقية.

المؤسسات الصحفية الورقية لا تستطيع منافسة المنتديات؛ لأن لديها ضوابطَ، فمثلاً التكاليف التي تضعها الصحف الورقية لا تقارن بالمواقع والمنتديات الإلكترونية، وإذا ما أغلقت الصحيفة، فإنها ستعاني من الخسائر الكبيرة، لكن أي موقع إلكتروني إذا أغلق فإن أصحابه يمكنهم فتح موقع آخرَ، وهذه كلها تصبُّ في الضوابط، وللمحافظة على مصداقية الصحيفة، فإنها تلجأ لنشر الخبر بعد التأكُّد منه، ويصعُب علي أن أعيد هذه المصداقية إذا ما تضرَّرت سمعة المؤسسة نفسها.

على نفس المستوى أصبحت الصحافة الإلكترونية أصبحت متنفسًا للكثير من الشباب، وحتى الأجيال المتقدمة في العمر؛ لأنك تجد فيها ما لا تجده في الصحافة التقليدية، لكن هذا الذي تجده هو صحيح أم ضروري؟ فهذه نقطة أخرى، وأحيانًا يركض الناس وراء الممنوع ووراء المثير، ولا نتحدث هنا عن المواقع كصحافة مثيرة ولا كصحافة صفراء، لكن أعتقد فعلاً أن هناك ركضًا وراء الخبر المختلف، والمشكلة أن هذا المختلف يخدم الصحافة الإلكترونية؛ لأنها بعيدة عن الرقابة، ولأن الصحافة الورقية لا تستطيع القيام بما تقوم به الصحافة الإلكترونية.

الهامش الكبير للصحافة الإلكترونية ربما سينعكس سلبيًّا على المصداقية، بمعنى آخر، إذا كان هناك حرية، فيمكن لأي شخص نشر ما يريده على الإنترنت، وهذا حقيقةً سلاح ذو حدَّين؛ لأنه قد ينشر سبقًا صحافيًّا على الإنترنت، لكن في بعض الأحيان قد يتحول هذا السبق الصحافي إلى كارثة؛ لأنه قد يكون مجرد شائعة ومعلومة غير موثوقة، أو أنه لا يأتي من مصدر موثوق، وبالتالي حينما نتحدث عن مفهوم حرية الحركة والقدرة على نشْر الأخبار بشكل أسرع من الصحافة اليومية أو التقليدية، فإنه علينا وضْع بعض المحاذير.

حلول مُقدَّمة للصحافة الورقية للحفاظ على مكانتها في مواجهة الورقية

• لا بد وأن تتجه الصحافة الورقية إلى التعامل مع التكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة بتطور وواقعية، فلم يعد الجيل الجديد يتعامل مع الصحافة الورقية؛ ولذلك عليها أن تتجه إلى العالم الجديد عبر تحديث المحتوى واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.

• بعض الصحيفة الورقية تطبع نُسختها، ويتم نشر المحتوى في موقعها الإلكتروني، وهذا لا يقدم جديدًا حينما ننقل الجريدة من ورقية إلى إلكترونية، ولكن لا بد من تحديث وتطوير الأخبار على مواقع الصحف الورقية.

• البعد عن عملية النقل النصي من الصحف الإلكترونية والتميز بمادة خبرية حصرية عليها.

• إتاحة مساحة كبيرة للكُتَّاب والآراء المختلفة.

• التوسع في الصحافة الاستقصائية والتحقيقات التي تكشف ما وراء الكواليس.

• الحفاظ على مصداقيتها التي لا تزال القارئ يثِق فيها أكثر من الإلكترونية.

• تأخير عملية الطبع لتغطية آخر الأحداث التي تقع يوميًّا، والتي أصبحت تتميز في تغطيتها الصحف الإلكترونية.

• التزام الحيادية قدْر الإمكان، والابتعاد عن التوجُّه والتحيُّز لملاكها؛ حتى تستطيع أن تتميَّز عن نظيرتها الإلكترونية.







ايجابيات الصحافة الإلكترونية


1-      السرعة:
سُرْعة انتشارِ المعلومات، ووصولها إلى أكبرِ شَريحة مُمكِنة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا في أقلِّ وقْت، وبأقل تَكْلِفَة.

2-      التفاعلية السريعة:
سُرْعَة استجابة القارئ لِمَا يُعرَض من أخبار، وسُهولة التواصُل وعَرْض الرأي بيْن الصحفي والقارئ، كما أنَّ توفُّرَ النقد والتعليق على الخَبر الإلكتروني يَزيد مِن مستوى المشارَكة الإيجابيَّة للقارئ.

3-      المرونة في التعامل مع الخبر:
فتُتيح الصحيفةُ الإلكترونية مرونةً كبيرةً في التعامُل مع الخَبَر مِن حيثُ سُرعةُ تحديثه أو تعديله.

4-      سهولة الحصول على تقييم دولي معترَف به:
فالصحيفةُ الإلكترونيَّة تستطيع الحصولَ على تقييم دولي مُعترَف به، وذلك عن طريق ترتيبِ "موقع أليكساللصُّحُف والمواقِع الإلكترونية؛ لتتعرَّفَ على ترتيبها بالنِّسبة للصُّحُف الأخرى سواء عربيَّة أو إقليميَّة أو دوليَّة، وكذلك عدد الزوَّار، وعدد الزِّيارات لصفحاتها، ومدَّة المكْث على صفحاتها، وما إلى ذلك مِن مجموعةٍ من المعايير التي يتمُّ التعرُّف على مؤشراتها، بعكس تمامًا الصحف الورقيَّة التي تحتاج إلى شَرِكات أبحاث، وجهد، وفترة طويلة للحُصول على تقييم لتلك المعايير السالِف ذِكرُها.

5-       استيعاب أكبر للموهوبين والمتهمين:
لا تقتصر الصحافة الإلكترونيَّة على الكتَّاب المشهورين، أو المعتمدين لديها فقط، كما هو الحالُ في الصُّحُف الورقيَّة، وإنَّما يتَّسع المجال لدَيْها لتفردَ مساحات خاصَّة للهُواة والأقلام الشابَّة، وكافَّة شرائحِ المجتمع بصورة أكْبر من نظيرتِها الورقيَّة.

6-      تخطِّي القيود:
فالصحافة الإلكترونيَّة تتخطَّى حواجزَ الوقت والجهد والمال لمتابعيها.

7-      التوفر:
وهي مَيْزة تَعني: أنَّه يمكن استحضارُ الصحيفة الإلكترونيَّة في أيِّ وقت، ومتى شاء القارئ، ومِن أيِّ دولة في وقتٍ قصير.

8-      إيجاد مجتمعات متجانسة الاهتمام:
تَمكَّنتِ الصحافةُ الإلكترونيَّة مِن خَلْق مجتمعات متجانِسة محليَّة عربيَّة، ودوليَّة صحفيَّة، حولَ قضيةٍ ما، مثل قضايا حقوق الإنسان على المستوى العالمي.

9-       استطلاعات الرأي:
فاحتواء الصحافة الإلكترونيَّة على استطلاعاتِ رأي واستفتاءات، تُعطي مساحةً كبيرةً للقارئ مِن إبداء رأيه دون قَلَق.

10-  قاعدة معلوماتية ضخْمة:
تُوفِّر الصحافةُ الإلكترونية أرشيفًا وقاعدة معلوماتيَّة للصحفي في كلِّ وقْت.

11-  المرونة المكانية:
عدم حاجةِ إدارة الصحيفة الإلكترونيَّة إلى مقرٍّ واحِدٍ ثابت يحوي كلَّ الكوادر.

12-   قوالب متميِّزة:
فعن طريق خِدْمات الوسائط المتعدِّدة (الصوت والفيديو)، يُمكِن من خلالها دعمُ المضمون النصِّي بطريقة تخدُم الشَّكْل والمضمون معًا.

تحديات الصحافة الإلكترونية عربيًّا


في ظلِّ التحدِّي الذي جَلبتْه شبكة الإنترنت، فرَضتِ الصحافة الإلكترونية نفسَها على الساحة الإعلاميَّة، كمنافِسٍ قوي للصحافة الورقيَّة، بالإضافةِ إلى ظهور الأجيال الجديدة التي لا تُقبِل على الصحف المطبوعة، وهناك عددٌ مِن التحديات التي تواجه الصحافةَ الإلكترونية في العالَم العربي ومنها:

1-       تواضُع أعدادِ مستخدمي الإنترنت في العالَم العربي :
 فبحسب تقرير الشبكة العربيَّة لمعلومات حقوق الإنسان 2009، فإنَّ عددَ مستخدمي الإنترنت  في الوطن العربي بلغ 58 مليون مستخدم، معظَمُهم من الشباب، منهم 15 مليون مستخدِم في مصر، وهي أكْبر دولة في الوطن العربي من حيثُ استخدامُ الإنترنت.

2-      المهارات المستحدَثة على المهنة:
فلا يُمكِن ممارسة العمل الصحفي على الإنترنت بنفس المهارات القديمة التي سادتْ في الصحافة الورقيَّة، فمُحرِّر الصحافة الإلكترونية يتعامل مع بيئة متعدِّدة الوسائطِ، ومتعدِّدة الخِدْمات، ولذلك يجب أن يُجيدَ مهاراتِ التعامل مع الحاسِب الآلي والإنترنت.

3-       مشاكل التمويل:
فعدمُ توافُر دخْل مِن وراء موقِع الصحافة الإلكتروني، وعدم اقتناع عددٍ كبير من الشركات بالإعلان عبْرَ المواقع الإلكترونيَّة، فهناك حالةٌ مِن عدم الثقة بيْن المعلِن العربي والإنترنت، ممَّا يُشكِّل تحديًا كبيرًا ومشكلة أمامَ تمويل الصحف الإلكترونيَّة.

4-      عدم توافُر نُسَخ بلُغات أجنبية:
فمُعظَم الصحف الإلكترونيَّة لا تُوفِّر نسخةً أخرى غير اللُّغة العربية، وهو ما يَقِف وراءَ عدم انتشار الصحافة الإلكترونيَّة في الغرْب.

ويَتوقَّع عددٌ كبير من الخبراء أن يَنشأَ نوعٌ جديد من الصحافة الإلكترونيَّة مستقبلاً، يُطلَق عليه "الصحافة شديدة التكيُّف"، التي تُوفِّر مستوًى من الشخصنة، يصل بها إلى التكيُّف بشِدَّة وسرعة مع احتياجات ورغبات الجمهور، حتى نصلَ إلى الدرجة التي يستطيع فيها كلُّ مستخدم على حِدَةٍ أن يُحدِّد سَلفًا طبيعة ومحتوى صحيفته الإلكترونيَّة، أو موقعه الإلكتروني الصحفي المفضَّل بشكل عميق وشامل.

ووَفْقًا لذلك، فإنَّ الصحيفة الإلكترونيَّة أصبحتْ نُسخةً خاصَّة لكلِّ فرد أو قارئ على حِدَة، وهو ما تفعله بعضُ المواقع الكبرى في تقديمها لمجالات المعلومات للقارئ، مثل موقع جوجل من خلال خدمة آي جوجل I GOOGLE.



                         مستقبل الصحافة التقليدية في ظلِّ تنامي الإعلام الإلكتروني 

ظهرتْ مُؤشِّرات كثيرة تقول بتنامي الصحافة الإلكترونية بشكلٍ كبير، مقابل تراجُعِ الصحافة الورقيَّة في العالَم، وذَكَر مركز "بيو" الأمريكي للدِّراسات أنَّ انخفاض توزيع الصُّحُف اليوميَّة في أمريكا بلغ 2.5% سنويًّا، و3.3 % في الصحف الأسبوعيَّة، مقابل ازْدِهار المواقع الإلكترونية للصحف بنسبة 1%.

ويُؤكِّدُ تقرير "بيو" أنَّ الصحافة الورقيَّة تسارِعُ إلى تطوير نفسها مِن خلال فتْح مواقع، أو التعامل مع مواقعَ إلكترونيَّة عالميَّة للأخبار، أو شراء هذه المواقع.

ويَرَى البعضُ أنَّ الإعلام الجديد بأدواته ومواقعِه قد أصْبَح يمثِّل تهديدًا واضحًا للإعلام التقليدي، الذي ظلَّ متواجدًا بقوة داخلَ المشهد الإعلامي العربي لعقودٍ كثيرة، وأثَّر كثيرًا على المواطن العربي، بل ومَلَكه في كثيرٍ من الأحيان، إلاَّ أنَّه الآن لم تَعُدْ تلك القوَّة الإعلامية قادرةً على الصمود أمامَ اجتياح المواقِع الإعلامية المختلفة التي تنتشر عبرَ (الإنترنت)، وتدعمها مواقعُ الجيل الثاني من (الإنترنت)، مثل: تويتر، و الفيسبوك، واليوتيوب، وكذلك المدونات.

وقد لخَّص د. علي بن شويل القرني - أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود - هذا الوضعَ بقوله:
إنَّ ميزان القوَّة تحول من حرَّاس البوابة في الصحافة التقليديَّة إلى السُّلْطة الخامسة، المتمثِّلة في المواطنين، حيث اكتسبتْ شرعيتَها من الواقِع المعيش، ولم يَعُدْ للسلطة الرابعة ذلك الحضور الذي كان يشهد لها في القرنَيْن الماضيَيْن"، ومثل هذا الوضع قد دعَمَه الكثيرُ من التغيُّرات التي ظهرتْ على الساحة، والتي يُمكِن توضيحها في الآتي:
أ - الإعلام الجديد والاستهلاك الإعلامي عبرَ (الإنترنت) :

1-      ارتفاع نسبة المستخدمين للإنترنت من الشباب:

على الرغم مِن أنَّ الإعلام الرقمي في العالَم العربي ما زال في سنواته الأولى، إلا أنَّه يشهد نموًّا مطردًا؛ نظرًا لارتفاع نسبة الشباب بيْن السكَّان في كثيرٍ من الدول العربية، فالسكَّان تحت سن 25 عامًا يُقدَّرون بحوالي 55% من مجموع السكَّان في المنطقة العربية.

وتُمثِّل هذه الشريحةُ العمريةُ عنصرًا مشتركًا في معظمِ الدول العربية لدفع "عملية الاستهلاك الإعلامي عبرَ الإنترنت"، ويُتوقَّع أنْ تُسهِم هذه الفئةُ في دفْع نموِّ الإعلام الرقمي، كما يمكن للمنطقة أن تستفيدَ مِن إمكانيةِ التعليم مِنَ الإخفاقات والنجاحات التي تحقَّقتْ في السُّوق الإعلامي في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا.

وقد بدأتْ أدواتُ الإعلام الجديد بما لا يَدَع مجالاً للشكِّ تُؤثِّر على الإعلام التقليدي مِن زاوية الاستهلاك الإعْلامي للجمهور العربي، فعَلى سبيل المثال تُشكِّل الأخبار أحدَ أكثر المحتويات التي يتمُّ استهلاكها عبرَ الإنترنت، حتى وصلَتْ نسبتها إلى 40 % من إجمالي قرَّاء الأخبار في العالَم العربي في عام 2009.

2-      انتشار خدمات (الإنترنت) ذي النطاق العريض:
إضافة إلى ذلك فإنَّ انتشارَ خِدْمات الإنترنت ذي النِّطاق العريض في المنطقة، عزَّزَ مِن عملية الاستهلاك الإعلامي عبْرَ (الإنترنت)، فعلى الرَّغم من ضعْف انتشاره في المنطقة العربيَّة إلاَّ أنَّه يتفاوت عبرَ الدول، فمثلاً يبلغ في السُّودان واليَمَن (3%)، وفي سوريا (21%)، بينما يصِل في دولةٍ واحدة - وهي قطَر - إلى (%84).

3-      تنوُّع الأجهزة المحمولة:
فقدْ أصْبَح الهاتف النقَّال وسيلةً قويَّة للاستهلاك الإعلامي عَبْر الإنترنت,  وينمو ذلك بشكلٍ متزايد في العالَم العربي، وشَهدْنا تشكيلاتٍ وأنواعًا متطوِّرة من التليفونات المحمولة القادِرة على تصفُّح المواقع الإلكترونيَّة للحُصول على الأخبار والمعلومات.

4-      الاهتمام بالمحتوى المنتج من قبل المستخدمين:
تعاظَمَ الاهتمامُ بالمحتوى المنتَج مِن المستخدمين من قِبَل شبكات إخباريَّة عربيَّة، مثل: "العربية" و"الجزيرة" وغيرها، وخاصَّة بعد أن تطوَّرت أجهزة المحمول، وأصبحتْ ملائمة لتلبيةِ ذلك الغرَض، فلم تَعُدْ تقتصر على مهمَّة نقْل المحتوى فقط، وإنَّما سَمَحتْ للمستهلكين بدمْجِ وتأليفِ المحتويات طبقًا لرغباتِهم واهتماماتِهم.

كما أنَّ انخفاضَ تَكلِفة الهواتف المحمولة سَمَح لقطاعٍ كبيرٍ من المستهلكين بتبادُل محتوياتهم فورًا مع المواقِع الإخباريَّة؛ لنشْرِها على نِطاق أوسع.

5-      ظاهرة المواطن صحفي:
بدأتِ المنطقةُ العربية تشهد بُروزَ مواقع الأخبار، ونشْر ما يستجدُّ في جميع أنحاء العالَم، اعتمادًا على المعلومات التي يُقدِّمها المواطنون (ظاهرة المواطن الصحفي)، مثل موقِع (جريدتك دوت كوم) اللبنانية، الذي تأسَّس في مارس 2008، ويُقدِّم مجموعةً واسعةً من محتوى الأخبار، سواء مطبوعة، أو صوتية، أو مرئية، التي يتمُّ إنتاجُها مِن المواطنين باللُّغات العربية والإنجليزية، ويُتوقَّع في المستقبل تزايدُ هذا النوع مِن صحافة المواطن.

6-      اجتذاب البوَّابات الإلكترونية لجمهور عريض:
فبوَّابات إلكترونيَّة، مثل موقع (مكتوب) شَهِد تصاعدًا تدريجيًّا في عملية الاجتذاب، وخصوصًا منذ عملية الاندماج التي حدَثَتْ مع (ياهو) في أغسطس 2009.

7-      انتشار شبكات الإعلام الاجتماعي بشكل كبير:
شَهِد قطاع الإعلام التشارُكي، أو المعروف باسمِ الإعلام الاجتماعي (Social Media)، تطوُّرات عامَّة في المنطقة العربيَّة، فقدْ نجحَتْ مواقعُ عالمية، مثل: (الفيسبوك) و(تويتر) في الانتشار داخلَ المنطقة العربية، وساعَدَ على ذلك قيامُهم بتقديمِ واجهتهم باللُّغة العربيَّة، ممَّا ساعَد كثيرًا المواقعَ الإخبارية العربيَّة على نشْر وتداول محتواها عبْرَ هذه المواقع، خاصَّة في مصر والسعودية.

ويَستخدِم (الفيسبوك) في مصر 900 ألْف مستخدم، وفي لبنان 300 ألف مستخدم، وفي السعودية 250 ألف مستخدِم، وذلك وَفْقًا لتقرير الشبكة العربيَّة لمعلومات حقوق الإنسان 2009.

كما قامتْ شبكاتٌ اجتماعيَّة عربيَّة بتطوير قواعدِها الخاصَّة، مثل (مكتوب) و(جيران) و(بوابة المرأة الإماراتية)، وخاصَّة موقع (مكتوب) .




الصحافة التقليديَّة والجديدة . .  منافسة أم تكامُل   ؟


في دراسةٍ أجْراها الباحثُ محمود عبدالوهاب راغِب، بعنوان "مستقبل الصحافة الإلكترونية في العالَم العربي": أكَّدتِ الدراسة أنَّ العلاقة بيْن الصحافة الإلكترونيَّة، ونظيرتها الورقيَّة ليستْ علاقة إلْغاء وإقصاء؛ بل تنافُس لصالِح القارئ والرأي العام.

وكشفَتِ الدِّراسة أيضًا ضعْف استخدام (الإنترنت) في العالَم العربي، وأكَّدَتِ الإحصاءات أنَّ 4% فقط من العَرَب يستخدمون (الإنترنت)، مقابل 27 % في الدول المتقدِّمة، وأنَّ المواقع العربيَّة الإلكترونيَّة تُمثِّل 7% من إجمالي المواقع على الشبكة العنكبوتية.





ويقول خبير (الإنترنت) الأمريكي "بيتر لايدن":
إنَّ صعود أنواع جديدة مِنَ الإعلام الجديد المعتمِد على (الإنترنت)، سيكون له تأثيرٌ أكيدٌ على الإعلام التقليدي، وأكَّد "لايدن" على أنَّ الإعلام التقليدي وهياكلَه الاقتصادية أمامَ لحَظْةٍ نادرة في المجال الإعلامي، ومُهدَّد تهديدًا حقيقيًّا أمامَ عالَم (الإنترنت(.

ويَرَى عددٌ من الخُبراء أنَّ الصحافة الإلكترونية وسيلةٌ مِن وسائل الإعلام، فهي وسيلةُ نشْر كالصحافة المطبوعة، والعَلاقَة بينهما هي عَلاقة تكامل، وليست علاقة صِراع، فتاريخُ ظهورِ الوسائل الإعلاميَّة المختلفة لا يَشهَد بظهورِ وسيلةٍ تلغِي الأُخرى، أو تقضي عليها، ولكن تُوجَد منافسةٌٌ في أحيان، أو تكامل في أحيان أخرى، وتحاول كلُّ وسيلة تطويرَ نفْسِها، فنستطيع القوْل: إنَّ الصحافة الإلكترونيَّة والورقيَّة لا تَنْفي إحداهما الأخرى، ولكن يَبْقى المنافس الوحيد للصحافة الإلكترونيَّة، هو التلفزيون بموادِّه المختلفة.

وأصبحتِ المواقعُ الاجتماعية مصدرًا مهمًّا للأخبار لصحفيي الإعلام التقليدي، فقدْ أكَّدت دراسةٌ أجرتْها جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة: أنَّ غالبيةَ الصحفيِّين يستخدمون المواقع الاجتماعيَّة للبَحْثِ عن أخبار وقصص ومعلومات، حيث قال 89% من الصحفيِّين ممَّن يلجؤون إلى المواقِع الاجتماعية: إنَّهم يبحثون دومًا في المدوَّنات والشبكات الاجتماعيَّة على الشبكة العنكبوتيَّة.

ولجأتْ بعضُ الصحف الورقيَّة إلى إنشاء نُسَخ لها عبْرَ (الإنترنت)، يستطيع مستخدمو (الإنترنت) قِراءَتَها، وعَمَدتِ الصحف التقليدية إلى استغلالِ أدوات الإعلام الجديد في تحسينِ الشكل والكيفيَّة التي يُقدَّمُ بها المضمون الصحفي.

ذًا فنحن أمامَ تحدٍّ إعلامي جديد، يتمثَّل في ظُهورِ وسائلَ جديدة، تُعَدُّ مصدرًا هامًّا لاستهلاك وتوزيع وتبادُل المحتوى الإعلامي، ليس فقط مِن جانبِ جمهور (الإنترنت)، وإنَّما أيضًا من جانبِ الصحفيِّين الذين يَعملون ضِمنَ منظومة الإعلام التقليديَّة، وهو ما يُشكِّلُ تهديدًا حقيقيًّا للصحافة التقليديَّة.



مقومات نجاح الصحافة الإلكترونية


يتحدد مقدار نجاح الصحيفة الإلكترونية بمقدار ما تنفذه من سمات الصحافة الإلكترونية , و ما تستخدمه من إمكانيات متوافرة على شبكة الإنترنت , كما يتطلب ذلك أيضا ما يلي :
-          الوعي بطبيعة الوسيلة , فالصحف الإلكترونية تعد وسيلة جديدة لها سماتها الاتصالية و الشكلية الخاصة , و لها جماهيرها الخاصة التي تتطلع إلى خدمات صحفية تشبع حاجاتها الاتصالية , و على القائمين على هذه الوسيلة إدراك أنها تتوجه لجماهير محددة , تختلف في سماتها الديموجوافية وحاجاتها الاتصالية عن جماهمير الصحف الورقية .
-          السعي لأسواق إعلانية جديدة , بحيث ينظر القائمون عليها إلى الصحيفة الإلكترونية كوسيلة إعلانية قائمة بذاتها , و أن الإعلان فيها ذو صفة خاصة تختلف عن الإعلان في النسخة الورقية من حيث الانتشار , و التفاعلية , و الوسائط المتعددة . . الخ
1-      التوجه نحو تكاملية الأداء مع الصحافة المطبوعة ( بالنسبة للصحافة الإلكترونية ذات الأصل المطبوع ) بحيث يسهم الإعلام الإلكتروني و المطبوع في تقوية بعضه البعض .
2-      ضرورة فصل الجهاز التحريري لكل من الصحافة الإلكترونية و الورقية , نظراً لاختلاف طبيعة الوسيلتين .
3-      خلق موارد مالية جديدة , وذلك من خلال إعداد الدراسات و الحملات الإعلامية المتوجهة للمعلنين لتشجيعهم على الإعلان في مواقع الصحف الإلكترونية .

مقترحات للرقي بالصحافة الإلكترونية:
1-       إنشاء مؤسسات صحفية أو شركات مساهمة إعلامية، تتولى إدارة هذه الصحف الإلكترونية وتنمية مواردها للتغلب على المشكلات المالية والتمويلية.
2-      إجراء تعديلات على القوانين الخاصة بالنشر والمطبوعات، تضمن حماية حرية الرأي والتعبير وحرية النشر، والحصول على المعلومات، وحرية مناقشة أمور وقضايا حكومية ورسمية، وكذلك إضافة تعديلات تضمن حقوق الملكية والنشر الإلكتروني، وإضافة القواعد واللوائح التي تنظمها.
3-      إنشاء اتحادات ونقابات رسمية للعاملين في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني لضمان حقوق العاملين.
4-       الاعتراف بالصحفيين العاملين في الصحافة الإلكترونية، وحصولهم على عضويات نقابية في نقابة الصحفيين في بلدانهم، وكذلك السماح بانضمامهم لاتحاد الصحفيين العرب.
5-      ضرورة تفرغ العاملين في هذا الصحف بصورة كاملة لإنجاز أعمالهم من أجل صناعة صحافة متميزة؛ تُكسبهم الاحترام والتقدير من قِبَل جمهور المتلقين، وتنأى بهم عن الاتهامات التي تضَعهم في خانة الهُواة، أو الطارئين، أو المتطفلين على المهنة.
6-       الاستفادة الكاملة من فضاء الحرية الذي يَمنحه الجو الإلكتروني، خصوصًا في التعامل مع القضايا السياسية والاجتماعية التي يعد ظهورها على ورق الجرائد العادية من قبيل المُحرَّمات.


 كذلك من المهم جدًّا توخي المعايير المهنية العالمية؛ من أجل صحافة إلكترونية أكثر تأثيرًا، ومن تلك المعايير حداثة الخبر وتحديثه على مدار الساعة، وسهولة تعاطي الزائر مع الصحيفة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، ويمكن حساب درجة التفاعلية بين الوسيلة والجمهور بسهولة ومُرونة أكثر من نظيرتها المطبوعة، وذلك عن طريق متابعة عدد الزوار من خلال المواقع التي تُعنى بهذا الغرض؛ مثل موقع elexa العالمي، فضلاً عن إجراء الاستبيانات والاستطلاعات التي تفيد في تقييم وتقويم موقع الصحيفة من حيث مستوى الإقبال، ووجود الخدمات الضرورية المتعلقة بالبحث والأرشفة، وتنوُّع النوافذ، وما إلى ذلك من المقاييس التي تحكم على مستوى الإلكترونية؛ من حيث التراجع، أو الثبات، أو التقدم على أشكال بيانية، أو متواليات عددية، أو هندسية، كذلك تجب العناية الفائقة بجودة التصميم وتجديده بين الحين والآخر إذا تطلب الأمر.


المصادر:


        من بحوث مؤتمر "مستقبل الإعلام في مصر" القاهرة، 29 ديسمبر 2012 م
[1] د. رضا عبدالواجد أمين؛ الصحافة الإلكترونية، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2007، القاهرة، ص93.
[2] المصدر نفسه، ص95.
[3] د. عبدالأمير الفيصل؛ الصحافة الإلكترونية في الوطن العربي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ص79.
[4] د. ماجد تربان؛ الإنترنت والصحافة الإلكترونية رؤية مستقبلية، الدار المصرية اللبنانية، 2008، القاهرة، ص117 - 118.
[5] المصدر نفسه، ص 119.
[6] د. محمد عبدالحميد؛ الاتصال والإعلام على شبكة الإنترنت، عالم الكتب، 2007، القاهرة، ص 151 - 153.
[7] الجورنالجي: (موقع كل الجرنالجية في مصر)؛ نقلاً عن الصحافة الإلكترونية؛ جمال غيطاس في المؤتمر الرابع للصحفيين، 2005.

         1.         موقع يوم الجديد، "الصحافة الإلكترونية وملامح الإعلام الجديد"، متوافر على
         2.         http://yomgedid.kenanaonline.com/topics/57197/posts/108683
         3.         الأكاديمية المفتوحة للصحافة العربية، "الخبر الإلكتروني"، متوافر على
         4.         http://pressacademy.net/modules/news/article.php?storyid=163
         5.         الأكاديمية المفتوحة للصحافة العربية، "الصحافة الإلكترونية تفرض نفسها"، متوافر على
         6.         http://pressacademy.net/modules/news/article.php?storyid=245
         7.         عبلة درويش، موقع الحوار المتمدن، "الصحافة الإلكترونية"، العدد2022، للاطِّلاع
         8.         http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=107238
         9.         دار بابل للدراسات والإعلام، دراسة بعنوان: "الإعلام الأمريكي والحرْب"، 17-1-2010، متوافر على الرابط التالي:
       10.       http://www.darbabl.net/show_derasat.php?id=130
       11.       جريدة الرياض السعودية، "د.القرني: الإعلام الاجتماعي سحَب البُساط من السلطة الرابعة"، 27 - 3 -2010، العدد 15251.
       12.       تَمَّ الاستعانة ببعض الإحصاءات والمعلومات مِن تقريري نادي دبي للصحافة 2008 - 2012 و2009 - 2013. وللاستزادة عبرَ موقع نادي دُبيّ للصحافة http://www.dpc.org.ae/
       13.       موقع المنار، دراسة "جورج واشنطن، الإعلام التقليدي.. لن يختفي".. 6 – 2 - 2010، الرابط التالي:
       14.       http://www.almanar.com.lb/Newssite/NewsDetails.aspx?id=123223&language=ar
       15.       شريف درويش اللبان، تكنولوجيا النشر الصحفي: الاتجاهات الحديثة، 2001، الدار المصريَّة اللبنانيَّة للنشر، القاهرة.
       16.       فارس حسن شكر المهداوي، صحافة (الإنترنت).. دراسة تحليلية للصحف الإلكترونية المرتبطة بالفضائيات الإخبارية.. "العربية. نت نموذجًا" 2007، رسالة ماجستير مقدَّمة إلى مجلس كلية الآداب والتربية، الأكاديميَّة العربيَّة المفتوحة في الدنمرك.
       17.       محمد شويلي، الإعلام الإلْكتروني، ومفهوم الصحافة، مجلَّة النبأ،؛ 2003، العدد السادس.
       18.       صحيفة الاتحاد، الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، العدد 11469، 29-11- 2006.
       19.       محمد المسعودي، الصحافة في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، صحيفة المؤتمر العراقية، 2009-05-.
       20.       صحيفة عاجل الإلكترونية، "تاريخ الصحافة الإلكترونية.. وأوراق مجهولة أخرى"، 21-5-2009، على الرابط التالي
       21.       http://www.burnews.com/articles-action-show-id-2306.htm
       22.       نجاح حسن، صحيفة الاتِّحاد العراقية، الموقِع الإعلامي للاتِّحاد الوطني الكردستاني، 2005، الرابط التالي:
       23.       http://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=51346
       24.       أشرف أبو جلالة، صحيفة إيلاف الإلكترونية، "الصحافة الإلكترونيَّة... حراك متنامٍ يغمر صحافة الحبر والورق"، 21-5-2010، الرابط التالي:
       25.       http://www.elaph.com/Web/news/2010/5/563311.html
       26.       جمال غيطاس، المؤتمر الرابع للصحفيين، مجموعة المكتبيين العرب، "الصحافة الإلكترونية"، 23-9-2005، على الرابط التالي:
       27.       http://www.khayma.com/librarians/archive/lis/199.htm
       28.       تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوقِ الإنسان، "شبكة اجتماعية واحدة.. ذات رسالة متميزة"، 2009. للاطلاع رابط الشبكة http://www.openarab.net/node/1583
       29.        الصحافة الإلكترونية . د.رضا عبدالواجد أمين
30 . محمود علم الدين , الصحافة في عصر المعلومات الأساسيات و المستحدثات .
31 . عبدالله بن ناصر الحمود و فهد بن عبدالعزيز العسكر , إصدرات الصحف السعودية المطبوعة على الإنترنت .

32 . د. حسن نصر , الإنترنت و الإعلام .

هناك تعليقان (2):

  1. اشكرك على تلك المعلومات القيمة

    ردحذف
  2. شكرًا جدًا على المجهود الكبير ده والمعلومات المهمة

    ردحذف